لا يخفى ما للبحث في عقود المعاوضات من أهمية بالغة، وحاجة تتزايد مع تزايد صور العقود وتعدد أنواعها وانتشارها في العصر الحاضر، الأمر الذي يتطلب مزيد دراسة وضبط للعقود التي قررها الفقهاء قديمًا في كتبهم ؛ حتى يتسنى تكييف ما يجدُّ من عقود على تلك العقود التي قررها الفقهاء، ويراعى فيها ما قرره الفقهاء من أصول وضوابط عامة في العقود، ومن هنا يظهر جليًّا أهمية البحث في بيع الاستجرار الذي كان ولا يزال موجودًا ومنتشرًا بين فئة كبيرة من الناس اليوم، ويتكرر حصوله بتكرر حاجات الإنسان اليومية، كما أنه حاصل في تعاملات المؤسسات التي تقدم الخدمات الاستهلاكية. ومما يزيد الموضوع أهميةً: تلك الإشكالات الواردة عليه من الجهالة في الثمن، وتأجيل البدلين، وكونه من قبيل بيع المعدوم، وما إلى ذلك من إشكالات قد ترد على غيره من العقود المعاصرة؛ مما يتطلب دراسة تلك الإشكالات وبحث مدى تحققها في بيع الاستجرار، وهذا سيعود بالنفع الكبير والفائدة، كما أنه سيفيد أيضًا في تحرير الرأي الشرعي في العقود والمعاملات الطارئة الوارد عليها تلك الإشكالات ذاتها. أسباب اختيار الموضوع: تبرز أهم الأسباب التي دعتني لاختيار هذا الموضوع في النقاط التالية: 1) غموض موضوع (بيع الاستجرار) واشتباهه ببعض المسائل التي قد يتوهم تداخلها معه. 2) تلك الإشكالات الواردة على بيع الاستجرار, الأمر الذي يتطلب الدراسة والبحث؛ مما سيعود علي بالنفع والفائدة. 3) وصف بعض العقود المعاصرة بأنها بيع استجرار، مما يتطلب دراسة بيع الاستجرار وحصر صوره وبيان أحكامها ؛ ليتأكد من صحة الوصف. 4) قلة من تناول هذا الموضوع بالبحث المستوفي لجميع مسائله، حيث لا يوجد مؤلَّف مستقل في بيع الاستجرار مع عظم أهميته. 5) كثرة وقوعه وانتشاره بين الناس ؛ مما يتطلب دراسته وتبيين أحكامه وصوره