الأوقاف في مكة والمدينة في عهد الملك عبد العزيز بن عبدالرحمن آل سعود (1343–1373هـ/1924–1953م)
يتميز التاريخ الإسلامي بالعلاقة الوثيقة بين الأحكام الشرعية المنظمة لحياة الناس والتغيرات المتعلقة بالمجتمع في نواحيها السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية ، وتلك العلاقة ترسم التفاعل بين ضوابط المسيرة ومحفزاتها ، وبين نمط التغيرات في المجتمع ومستوياتها ، وكان لهذه الصورة المشرقة الأثر في كتابة تاريخ البلدان الإسلامية في الحقب الزمنية الماضية والحاضرة ، لهذا جاء اختياري لموضوع بحثي الموسوم بـ الأوقـاف في مكـة والمدينة في عهـد الملك عبـد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود كواحد من الموضوعات في التاريخ الإسلامي الحديث ، وذلك لسبر أثر هذه السنة الإسلامية الحميدة في حركة التغيير التي نمت في هذا الجزء المهم من العالم الإسلامي ، بل من العالم كله ، وتصوير النماذج في حركة تغيير الواقع في ذلك الزمن ، إلى صورة جديدة من التطور والنمو ، أثرت في نقل المجتمع السعودي في مراحل تطوره ونمـوه. وقد ناقشت في هـذا البحث المطـالب المتعلقة بالموضوع في جانبيه التخصصي والعام ، واستعرضت في التمهيد مفهوم الوقف وفضله ، والحكمة من مشروعيته وأركانه وأنواعه ، إضافة إلى الحديث بشكل مختصر عن انضمام الحجاز للدولة السعودية الثالثة. وتضمن الفصل الأول اتصال الأوقاف بفترة الحكم العثماني للمنطقة ، كمرحلة من مراحل التأثير على وضع الأوقاف ، من حيث نظمها وأثرها ، إذ أن ذلك له أثره في الحقبة الزمنية التي تلتها في عهد الملك عبد العزيز - يرحمه الله- وقد وجدت أن هناك علاقة تأثيرية في جوانب التنظيم في الحقبتين ، ثم تنقلـت في مناقشة المطالب والموضوعات والعناصر ذات الصلة بموضوع البحث ، فتحدثت في الفصل الثاني عن الأوقاف على الميـاه ، والأوقاف على الحرمين الشريفين ، ومن يقوم بخدمتهما مثل الأغوات والمؤذنين ، وكذا الأوقاف على التعليم والمعلمين والمكتبات وغيرها ، مع بذل الوسـع في حصر تلك الأوقاف وأصنافها ، واتضح أن دور الأوقاف فاعل في تلك المجالات ، ولا تزال تؤدي دوراً مناسباً حسب مصارفها الشرعيـة ، وقـد تناولت في الفصل الثالث والرابع أثر الأوقاف في النواحي الدينية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية والعلمية.