البرامج الإخبارية في الإذاعات الموجهة باللغة الفارسية والبشتو دراسة تحليليه مقارنة بين إذاعة لندن وصوت أمريكا /
ملخص الرسالة : ظهر من خلال العرض السابق أن التنافس الدولي في استخدام الإذاعات الموجهة أصبح يتزايد بشكل مستمر، وهذا يدل على اعتقاد الدول بأهمية الراديو من بين وسائل الإعلام الجماهيرية في نقل المعلومات والأخبار ووجهات النظر إلى الشعوب المستهدفة. ويعد الراديو أكثر وسائل الإعلام استخداماً وانتشاراً نظراً لما يتمتع به من خصائص فنية تسهل وصول رسالته، إلى جانب تخطيه حاجز الأمية، واجتيازه الحدود والفواصل الجغرافية والطبيعية بين الدول المختلفة. وتـزداد أهميـة الراديو ـ باعتباره وسيلة اتصال جماهيري ناجحة ـ في الدول النامية التي تنتشر فيها الأمية و ترتفع إلى نسب عالية، كما ترتفع فيها أسعار الصحف والمجلات والكتب، مع ضعف الإمكانات المادية لمعظم شعوب هذه المجتمعات، إلى جانب ما تعانيه هذه الدول من نقص كبير وواضح في الإمكانات الفنية والبشرية، وبالتالي استطاعت الإذاعات الدولية الموجهة أن تتغلغل في المجتمعات النامية وتصل إلى قطاعات عريضة من الجماهير. ولعل أهمية الراديو تكمن أيضاً في أنه لا يزال أسرع وسائل الاتصال وصولاً للجماهير، وأرخصها ثمناً، وأيسرها استخداماً ( ). وقد أدركت الدول الكبرى تلك الأهمية التي يتمتع بها الراديو خاصة في المجتمعات النامية والعالم الإسلامي الذي تنتشر فيه الأمية بشكل كبير، فوجهت إذاعاتها لمخاطبة شعوب تلك الدول بلغاتهم لأغراض سياسية، ودينية. ويلاحظ في الوقت الحاضر أن بريطانيا وأمريكا تأتي في مقدمة تلك الدول التي تقوم بتوجيه إذاعات دولية تعبر الحدود لتصل إلى الجماهير في مختلف أنحاء العالم وتعمل على تقديم خدمات إخبارية سريعة لهم وبلغاتهم. مكتسبة ثقة هذه الجماهير. فهيئة الإذاعة البريطانية تقدم خدماتها الإذاعية الموجهة بخمس وأربعين لغة، وتستخدم حوالي ألفي شخص، ويقدر عدد مستمعيها بنحو مائة وثلاثين مليون شخص تقريباً في مختلف أنحاء العالم، و تفوق ميزانيتها ثلاثمائة مليون دولار سنوياً، وتقوم وزارة الخارجية ومكتب الكومنولث بدفع مبالغ تغطي الخدمات الموجهة الخارجية، وفي المقابل تقوم وزارة الخارجية بتحديد البلد الأجنبي الذي توجه إليه الإذاعة، واللغة التي تبث بها. وإذاعة صوت أمريكا رغم أنها أنشئت متأخرةً مقارنة بالدول الأخرى مثل روسيا وإيطاليا وبريطانيا إلا أنها تطورت سريعاً، ففي عام 1950م كان صوت أمريكا يوجه (500 ) ساعة من البرامج أسبوعياً، بثلاث وأربعين لغة لأوروبا وأمريكا اللاتينية والشرق الأوسط وأفريقيا والشرق الأقصى، وقد استمرت هذه الإذاعة في تطوير خدماتها ورفع عدد اللغات التي تبث بها حتى بلغت في الوقت الحاضر 52 لغة ( ).. ومن ضمن اللغات التي توجه بها كل من هيئة الإذاعة البريطانية وإذاعة صوت أمريكا خدماتها: اللغة الفارسية ولغة البشتو، إذ هناك أكثر من ثمانين مليون شخص يتحدثون باللغة الفارسية ويتمثل هذا العدد في الشعب الإيراني، والأفغاني، والطاجيكي، إضافة إلى عدد كبير من الشعب الأوزبكي والشعوب الأخرى من الجمهوريات الإسلامية، كما أن أكثر من خمسة وثلاثين مليون شخص يتحدثون لغة البشتو في كل من پاكستان وأفغانستان ( ). وفي ظل الظروف التي تمر بها دول المنطقة بشكل عام و أفغانستان بشكل خاص، وتفاقم الأوضاع والصراعات التي تدخل كل يوم في أبعاد جديدة معقدة، وفي ظل افتقار الساحة إلى إذاعات محلية تقدم خدماتها وتلبي احتياجات الجماهير، فإن الإذاعات الموجهة من الدول الكبرى تجد لها مناخاً مناسباً حين تتحـدث إلى شعوب تلك الدول، إذ تستطيع أن تحقق أهـدافها وتساهم في تشكيل رأي عام إزاء ما تريد أن تثيره من قضايا و موضوعات، (( ذلك أن عملية خلق ""الرأي العام"" تكون أقوى ما تكون عندما لا يتاح أمام الفرد أي مصدر آخر من مصادر المعلومات يمكن أن يستخدمه محكماً أو مقياساً يقيس به المادة الإعلامية الجديدة التي يتعرض لها، فلا يجد مناصاً من الاعتماد على مصدر الإعلام المتاح)) ( ) ولاشك أن للوجود الكبير لإذاعتي لندن وصوت أمريكا في أوساط الأفغان والشعوب المجاورة دوراً كبيراً في إمدادهم بالمعلومات عن الأوضاع في المنطقة، إذ يأتي ذلك تأكيداً لرؤية إعلامية تقول: "" أن التصورات التي تختزلها ذاكرة الإنسان عن الأحداث، والأشخاص أو القضايا التي يعيش معها في محيطه تبنى على المعلومات المتاحة، ووسائل الإعلام تمثل الآن مصدراً رئيساً لهذا النوع من المعلومات، ولاشك أن هذه التصورات لابد أن تتأثر بشكل أو بآخر بهذه المعلومات التي تقدم من وجهة نظر القائمين على الوسيلة الإعلامية، خاصة وأن لوسائل الإعلام الجماهيرية أثراً كبيراً على الرأي العام في تشكيل وجهة نظر الفرد ورؤيته للقضايا التي تواجه المجتمع.. من خلال التركيز على قضايا معينة وتجاهل أخرى.."" ( ).