الهندوسية وتأثر بعض الفرق الإسلامية بها / إعداد أبي بكر محمد زكريا.
أهمية الموضوع وأسباب اختياره: 1- إن دراسة الأديان من المهام الأساسية التي تناط بعلماء الإسلام ودعاته، فالإسلام دين دعوة، ودعوة الإسلام دعوة عالمية لا تنحصر ببلد دون بلد، ولا تقتصر على قطر دون قطر، ولا شعب دون شعب، ورسوله قد بعث للناس كافةً، قال تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا كَافَّةً لِلنَّاس﴾ (سـبأ: 28)، وقال: ﴿قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً﴾ (الأعراف:158) وقد أمرنا الله سبحانه وتعالى أن ندعو الناس إلى دينه بالحكمة فقال: ﴿ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ﴾ (النحل:125). ولا يخفى أن دعوة أصحاب الأديان إلى الله بالحكمة تحتاج إلى المعرفة بالأديان التي يعتنقونها، والاطلاع عليها، والوقوف على عيوبها، ومتناقضاتها، ومواضع ضعفها، ليتمكن دعاة الإسلام من مجادلتهم بالحجة، وإرشادهم إلى الحق، وصدهم عن الباطل. 2ـ لقد أنعم الله علينا بنعم كثيرة، وإن النعمة الكبرى والمنة العظمى علينا أن هدانا للإيمان، ولا نعمة تضاهي هذه النعمة، ولكن نرى أن هناك أمة كبيرة ـ ألا وهي الهندوسية- قد حرموا من نور الإيمان، وليس عندهم أي مستند صحيح ولا حجة يقبلها العقل في بقائهم على دينهم الباطل. وقد دخل بعض الهندوس في الإسلام في شبه القارة الهندية عن طريقين: أولاً: على أيدي الدعاة المخلصين، الذين كانوا يذهبون إلى الهند للدعوة حيناً وللتجارة أخرى، ولما رأى أهل الهند المعاملة الحسنة ، والوفاء ، والصدق، والاحترام آمنوا على أيديهم. ثانياً: على أيدي الفاتحين المسلمين الذين رغَّبُوا أهل الهند في الإسلام ، وألَّفُوا قلوبهم بأن صرفوا لهم ما يؤلف قلوبهم، فأسلم كثير منهم على أيدي هؤلاء. ولكن لما بدأ المسلمون يحكمون الهند حصل هناك نوع من الفجوة في دعوة غير المسلمين إلى الإسلام نتيجة سوء تصرف بعض جهلة الحكام؛ لأن تصرف بعض هؤلاء كان على اتجاهين: الاتجاه الأول: الميوعة والذوبان الذي قد وصل إلى حد الاعتراف بدينهم وببعض أعمالهم، حتى المناكحة والمصاهرة معهم( )، فظن الهندوس أنهم على شيء، وأنهم والمسلمون على حق، فليس هناك حاجة إلى الانتقال من دين إلى دين.