اللون ودلالاته في الرواية السعودية من عام 1980 وحتى عام 2005 = The Signification of Color in Saudi Novel
للون خصائص انفعالية يستجيب لها البصر ويغذيها الخيال، حيث يستـثير المتلقين على اختلاف بيئاتهم وثقافاتهم، وتباين عاداتهم وتقاليدهم، وهناك علاقة وثيقة بين المثير والاستجابة الناتجة عن اللون، لكن الاستجابة مرتبطة بالمرجعية الثـقافية، وهـذا يعني افتراض وجود عـلاقة بين المعجم اللوني ومجالات التعبير الحقيقي أو المجازي في الفنون القولية. وهذه الدراسة تطمح إلى الوقوف على دلالة اللون في الرواية السعودية، بهدف معاينة كيفية بنائه، مـع الوقوف بشـكل خاص على الروايات التـي تحمل دلالات متطورة لمعـاينة استقلالية اللون أو تبعيته للثقافة السائدة. وتجدر الإشارة إلى أن التفاعل مع اللون في السرد الروائي لا يتم عن طريق حاسة النظر، بل يتم عن طريق التخييل؛ فعن طريق الكلمة تصاغ الدلالة اللونية، فتحدِث تجاوبـًا انفعاليـًا بين المتلقي والعمل الأدبي. وهذا التجاوب يشكل سلاحـًا ذا حدين، فألفاظ الألوان الزاهية المبهجة تشرح الصدر، وألفاظ الألوان الداكنـة القاتمة تؤدي إلـى التوتر أو الحزن. فالكلمة هي المادة الخام التي يُعبَّر بها كرمز لغوي، له دلالة معينة مرتبطة بالموروث المخزون في الذاكرة الجمعية من تاريخ البشرية القديم، والأديب قد يجد في هذا الرمز وسيلة لتغليف الحقائق العارية في عالمه، والتعبير بها عن تجاربه الذاتية، فيتخذ من هذه التعبيرات اللونية قنطرة يَعبر بها إلى عالم المتلقي، فيحدث توترًا في المشاعر يجعل من هذه الدلالات اللونية قناعـًا يحجب الحقائق. وهذا يعني أن الدلالات اللونية للون الواحد تختلف، أحيانا، من مجتمع إلى آخر، وأحيانا من مبدع إلى آخر. ولأنَّ اللون في النصّ الروائي له مدلول رمزي، لذا ستكون مساءلة الأعمال الروائية لهذا المدلول منطلقة من الفضاء السردي، بمفهومه الواسع، بوصفه لوحة تتضمن دلالات لونية معينة ترتبط بطبيعة الحدث والشخصيات وعناصر السرد الأخرى، حيث إن الألوان تعتبر من الأدوات الأساسـية في بناء النص الروائي. والروائي المبدع هو القادر على ابتكار دلالات لونية جديدة، تكتنز رموزًا موحية، تحيل إلى أحداث العمل الروائي. وتطرح دلالات اللون طرحـًا جديدًا، يحدد استقلالية اللون من تبعيته للثقافة السائدة، ويتجلى ذلك على مستوى عناصر البنية السردية، وعلى مستوى الخطاب الروائي. ولا شك أنّ تناول اللون كظاهرة حسية، يكاد يكون مهمَّشا في الدراسات السردية، وهذا البحث يفتح مجالا للتركيز على النواحي الحسية في البنية السردية، لنقف على كيفية الاستعانة بالتقنيات السردية في الكشف عن الدلالة اللونية، وهذا ما يحاول البحث الإجابة عنه ساعيًا إلى توسيع الدراسة من تقنيات السرد إلى تحليل الخطاب الروائي، في إطـار علاقة اللون بالقيـم الأخـلاقيـة أو الأيديولوجيـة أو الاجتماعية أو الميثولوجية كما تتجلى على صعيد البعد الدلالي، ليمتد البحث إلى مجالات موضوعية كالبنية المهيمنة والإيقاع اللوني والتناص، وهذا ما تحاول الدراسة تناوله