فيتلخص بحث "" المفاضلة في العبادات قواعد وتطبيقات في كتابي الطهارة والصلاة "" الذي تقدم به الباحث / سليمان بن محمد بن عبد الله النجران لنيل درجة الماجستير من كلية الشريعة قسم الدارسات الإسلامية بالآتي : إن الله عز وجل لم يجعل العبادات على درجة واحدة في الفضل ، بل بعضها أفضل من بعض ، و هذا جانب كبير من عظمة هذه الشريعة ؛ فهي تتوافق مع جميع حاجات النفس وخصائصها ، فتشبع رغباتها وتلبي ميولها . و لا يُعرف التفضيل بالرأي ، وإنما مرده الشرع الذي بين فضل كل عبادة ومنزلتها في الشريعة ؛ لذا عند إجراء المفاضلة هناك أسباب شرعية يُعرف بها فضل كل عبادة ، وهي : كيفية العبادة ، وكمّيتها ، وحُكْمها ، والثمرة الحاصلة من هذه العبادة على ذات الشخص وعلى غيره ، والمشقة التي تلحق عاملها ، وزمان العبادة ومكانها . وعلى هذا يُحمل تغاير إجاباته عليه الصلاة والسلام لأصحابه عن أفضل الأعمال ؛ فكل واحد وجَّهَه عليه الصلاة والسلام إلى الأفضل بالنسبة له غالبا لسبب أو أكثر من تلك الأسباب . فالنية والمتابعة تعلقهما بالكيفية ، و لهما أثر كبير في تفاضل عبادة الشخص على غيره ، بل تفاضل عبادات ذات الشخص . وللمشقة أثر في تفاضل العبادات بعضها على بعض؛ وهي المشقة الناجمة من طبيعة العبادة ذاتها دون أن يتكلفها الشخص ؛ فالحج ـ مثلا ـ له جهة فضل من حيث إنه أكثر مشقة من غيره ، وكذلك الجهاد ، وصلاة الفجر، والوضوء في البرد .. الخ . وأما تأثير الحكم في تفاضل العبادات فيظهر في اختلاف حكم الواجب عن المسنون ، وتفاوت درجات الواجب نفسه والمسنون ؛ فأحب شيء يتقرب به العباد لخالقهم الواجبات، ثم السنن والنوافل ، كما أن أحب شيء إلى الخالق الابتعاد عن المحرمات وخصوصا الكبائر منها ، ثم ترك المكروهات . وربما حصل بعض الخلط عند بعض المسلمين في هذين الجانبين فقُدم المسنون على الواجب ، و ارتُكب الحرام لفعل بعض السنن . وأما الزمان والمكان فتأثيرهما واضح في تفاضل الأعمال ؛ فالعبادات في مكة أو المدينة أو بيت المقدس ، وفي شهر رمضان أو عشر ذي الحجة أو عاشوراء أفضل من غيرها ... الخ كما أن طبيعة الزمان والمكان لها أثر قوي في تفضيل العبادة بما ينال الإنسان من أذى ، وبما يقيمه الله على يديه من الخير في ذلك الزمان أو المكان.