المسؤولية الثقافية : دراسة تأصيلية
من المصطلحات الحضارية المعاصرة مصطلح ""المسؤولية الاجتماعية"" الذي استخدم في منتصف القرن العشرين من قبل الشركات الربحية؛ حيث تعني هذه "" المسؤولية الاجتماعية "" ما تقوم به الشركات تجاه المجتمع تبرعا ؛ سواء كان اقتصاديا، أو صحيا، أو بيئيا، أو غيره، وقد كان الهدف من ذلك استباقها لحكومات دولها أن تفرض عليها إسهاما ملزما تجاه المجتمع زيادة على الضرائب فضلا عن أن ذلك مجال دعاية لها. وقد اكتسب هذا المصطلح شهرة عالمية بعد مؤتمر دافوس بسويسرا عام 1999م حينما دعا كوفي أنان الأمين العام للأمم المتحدة وقتها رجال الأعمال إلى تحمل مسؤوليتهم الاجتماعية لتعزيز المبادرة العالمية ذات الطابع الطوعي للتنمية المستدامة والمواطنة الصالحة، وهي المبادرة التي شُرع في تنفيذها عام 2000م بنيويورك. ولقد اختلف الباحثون الشرعيون في شأن مصطلح المسؤولية الاجتماعية فاستقبله بعضهم ورأى أنه مماجاء به الإسلام برا، وإحسانا، وبذلا للمعروف، ونفر منه آخرون لاختلاف الهدف بين العمل الخيري في الإسلام الراغب في ثواب الله،وأعمال الشركات ذات الهدف الدنيوي البحت. مصطلح ""المسؤولية الثقافية"" على الرغم من كثرة وروده في الكتابات إلا أنه لم يتشكل له ـ حسب تتبعي ـ مفهوم محدد لافي الدائرة الإسلامية،ولاخارجها، وإنما يُترك فهمه لدلالة الجملة بمفردتيها عليه ؛ ""المسؤولية"" و""الثقافية"" . أما المسؤولية الثقافية في مضمونها أي بصفتها جهدا يبذل في المجال الثقافي في صالح الفرد والمجتمع فهي موجودة بأقدار متفاوتة، وكلما زاد الوعي الديني تكثف حضورها ؛ لكنها لا تزال خاصة على مستوى المجتمع ضعيفة مقارنة بالمطلوب المفترض . الغرب بنى حضارته المعاصرة من خلال قيام البرجوازيين منذ القرن 15 بتبني الثقافة والاهتمام بها من خلال دعم مادي، أو معنوي (صالونات أدبية، فنية، علمية ..إلخ) عبر شعور بالمسؤولية، وهذا ما أدى بأوروبا لعصر النهضة الذي قادها لقيادة العالم . "" المسؤولية الثقافية "" أحد العناصر أو العوامل المهمة للتغيير وبناء الوعي المجتمعي الذي يقود المجتمع ليكون لبنة واحدة متماسكة . تعاون فئات المجتمع هو مطلب مهم لتحقيق "" المسؤولية الثقافية "" فلو عمل كل على حدة لما أدت لحراك ثقافي في المجتمع . "" المسؤولية الثقافية "" تعاني – لدى كثير من الناس – من قلة الاحساس بها، والاهتمام بها، وهذا نتيجة لخلل في الانتماء لهذه الثقافة والمواطنة، وتغليب المصلحة العامة على الخاصة . "" المسؤولية الثقافية "" يجب أن تكون مادة يتعلمها الطفل وتزرع في نفسه الانتماء منذ طفولته . لهـــــذا