بعد حمد الله الحسيب الجليل، والصَّلاة والسَّلام على نبيِّ الهدى البدر الشَّفيع وعلى آله وصحبه أقول : لقد تناولت هذه الدِّراسة موضوع القرينة البلاغية بأبعادها المختلفة دراسة نظريَّة تطبيقية ترمي إلى محاولة وضع مفهوم اصطلاحي لها اتِّكاءً على ما تيسَّر لي من دراسات القدماء والمحدثين، وبيان قيمتها في إزالة اللبس بين أنواعها المختلفة لعدم الخلط بين الأساليب البلاغيَّة، ووظيفتها الدّلاليَّة في فهم المعنى. فانطلقتُ من بيان مفهومها في اللّغة والاصطلاح والبلاغة والنَّحو والشَّرع واكتشاف نقاط الالتقاء بينهم، ومن ثمَّ وضع أُطر معينة لتقسيمات مختلفة للقرائن المتعددة حسبما اجتهدت. ثم عرَّجتُ على آراء بعض القدماء والمحدثين في القرينة، وبيان مدى فهمهم لها ووعيهم بأهميتها. وعرضت الدِّراسة كذلك تعدّد القرينة وشروط حسنها ثم إجلاء أثرها في استنطاق الدّلالات المحتقبة داخل الكلمات في السِّياقات المختلفة. ولتوضيح هذا الأثر شرعت الدِّراسة بالتَّطبيق على شواهد مختلفة من القرآن الكريم والحديث الشَّريف والشِّعر وأقوال العرب خلال الأساليب المجازيَّة والكنائيَّة والإنشاء الطلبيّ، بدءًا بإيراد مفاهيمها وتقسيماتها والوقوف عند بعض المسائل المختصّ بها كلّ أسلوب كالصِّلة بين نوع المجاز ونوع القرينة المناسبة له، والفروق الدَّقيقة بين القرينة والملائم وبين قرينة الكناية وقرينة التَّعريض. والسَّبيل إلى كلِّ ذا كان المنهج الوصفي التَّحليلي المعتمد على وصف الفكرة الخاصَّة بكلِّ مبحث وتوضيحها بالشَّواهد، وتحليلها بلاغيًّا لإدراك مغزى البحث. وقد خلصت الدِّراسة إلى نتائج عدّة، من أهمها: تعدّد القرينة الكيفي المكسب النَّص قوَّة وعمقًا، ودور اللفظيَّة منها في الإيقاع البلاغي، وتسنّمها - بصفة عامّة - مركزًا حسَّاسًا في قيادة الأسلوب البلاغيّ المقترنة به لما توليه من عناية واهتمام بإخراج ما في جوفه من معانٍ وإيحاءات.