تسلط الدراسة الضوء على تفاصيل الصراع على الخلافة بين الأمين والمأمون في أواخر القرن الثاني الهجري/أوائل التاسع الميلادي، وذلك في إطار الحركة الشعوبية التي سادت روح ذلك العصر. وقد تناولت الدراسة في المقام الأول التعريف بالحركة الشعوبية، وطبيعتها، وأسباب ظهورها، والوسائل التي انتهجتها لتحقيق أهدافها، وتُركز على الشعوبية الفارسية بوجه خاص لارتباطها المباشر بموضوع الدراسة. وتهتم بتتبع المراحل التي مرت بها الكتابة التاريخية لبيان الكيفية التي تسللت من خلالها الرواية الشعوبية إلى المصادر التاريخية. واستعراض أبرز الإخباريين والرواة الذين عرفوا بشعوبيتهم أو أظهرت أعمالهم ما يدل على شعوبيتهم. وتبرز الدراسة بشكل مباشر الوجه السياسي والأدبي لهذه الحركة وأثرهما على أحداث الصراع بين الأمين والمأمون، فعلى الصعيد السياسي تظهر مشاركة بعض العناصر الفارسية في توجيه أحداث الصراع بين الأخوين، وسعيها المستمر إلى تأجيج نار الخلاف، وإجهاض محاولات الصلح بينهما، وقد برز هذا الدور بشكل واضح في معسكر المأمون الذي قاده الفضل بن سهل. أما على الصعيد الأدبي فقد بينت الدراسة سيطرة الكتاب الشعوبيين على صياغة الرواية التاريخية التي صورت تفاصيل الصراع بين الأخوين، وأثر ذلك على تشويه الوقائع التاريخية. وعمد الباحث إلى إعادة تأصيل الروايات التي عرضت لتفاصيل الصراع وذلك من خلال تتبع تلك الروايات في مظانها الأصلية، بدءاً من الأسباب الحقيقية التي دفعت الرشيد إلى البيعة للأمين ثم للمأمون من بعده، وبيان حقيقة ما ذكرته بعض الروايات حول تأثر الرشيد في قراراته بالشخصيات المحيطة به، ومدى صحة ما ورد في العهود والمواثيق التي كتبت بين الأخوين، وحقيقة الوصايا التي وردت عن الرشيد قبل وفاته، والبحث في الأسباب الحقيقية التي أدت إلى توتر العلاقة بين وليي العهد بعد وفاة الرشيد، وطبيعة المراسلات المتبادلة بينهما خلال المرحلة السلمية من الصراع، والنتيجة التي أسفرت عنها المراسلات، والوقوف على الملابسات الحقيقية التي أدت إلى تفجير الخلاف ووصوله إلى مرحلة الصدام المسلح، وتفاصيل المواجهات العسكرية التي أدت في نهاية الأمر إلى حصار الأمين في بغداد واستسلامه ومقتله. كما تناقش الدراسة الفكرة التي روج لها المستشرقون وتبناها العديد من الباحثين المعاصرين القائلة بأن الصراع بين الأمين والمأمون كان في جوهره صراعاً بين العرب والفرس.