إصدار الحكم القضائي وتصحيحه وتفسيره في نظام المرافعات الشرعية دراسة مقارنة /
*أهمية الموضوع : 1- تعتبر الشريعة الإسلامية شريعة مهيمنة على كل الشرائع.. منزلة من السماء،معصومة من الخطأ، والزلل،والنقص. ويستند الفقه الإسلامي على هذه الشريعة المطهرة. ولعل من أكثر الأبواب التي أولاها فقهاؤنا عناية خاصة ما يتعلق بالقضاء؛ وخصوصا منه ما يتعلق بأحكام المرافعات الشرعية؛إذ تكلم الفقهاء في أدق تفاصيلها الشكلية.. فضلا عن الموضوعية،وما المحاضر والسجلات،والعناية بالتواقيع وأختام القضاة ، والورق..إلا دلالة واضحة على ثراء كبير في فقه المرافعة يحتاج من الباحثين إلى بعث وإحياء لكي لا يظل حبيسا في كتب الأسلاف التي تقاصرت الهمم عن مطالعتها والبحث فيها من الأخلاف. 2- دائما ما يشير الباحثون إلى سبق الشريعة الإسلامية في كثير من الجوانب التنظيمية الوضعية، وأنها سابقة لها وتلك لاحقة، وهذا لعمري إدانة لنا بالتقصير وعدم القدرة والاستطاعة على إيجاد ثقافة نظامية تستمد جذورها من الفقه الإسلامي الخصيب؛ بل كل ما هنالك أنه وبعد استيراد ما لدى الآخر وإن كان فيه حق وفضيلة.. ندندن بهذه السبق، أو نرفضه بحجة أنه أتى بأشكال وصياغات أخذت من الغير؛ مع أن الفقه الإسلامي زاخر بأدق تفاصيل وإجراءات المرافعة والدعوى، ولكن الكسل الذهني الذي بلينا به جعلنا نعزف عن تراثنا، ونرفض ما عند غيرنا وإن كان في مجمله له وجود في فقهنا وتراثنا الإسلامي العظيم. 3- وتدليلا على ماسبق في العنصرين السابقين يأتي هذا البحث الذي يناقش جزء من أجزاء الدعوى ، ومرحلة من أهم مراحلها؛ألا وهي إصدار الحكم القضائي،وما يلحقه بعد الإصدار من تصحيح له إذا احتوى على شيء من الأخطاء المادية البحتة ،أو صار فيه نوع من الغموض يستوجب على القاضي تفسير المراد من حكمه. 4- لما كان إصدار الحكم القضائي هو النهاية الطبيعية لكل دعوى وخصومة، كما أنه الهدف الأساسي من وجود النظام القضائي، وفتح أروقة المحاكم ونصب القضاة وتعيينهم؛لذا فإن فقهاء الشريعة الإسلامية أحاطوه بشروط وأوصاف لا بد أن تتضمنه. وجاء بعدهم من نظم هذا الأمر وزاده ببعض الشروط الشكلية وأخرى موضوعية لكي يكون الحكم عند إصداره حاسما لكل نزاع، ومنهيا للخصومة، وقاطعا للجاج واللدد ،وذلك وفق الشرع المطهر،والذي يهدف ولي الأمر من سنه وتنظيمه لذلك أن تستقر الأحكام،وأن يقطع الطريق على المتلاعبين،وذلك بجعل الحكم من الحاكم عند صدوره يتضمن بعض الإجراءات التي لا تتعارض مع الشرع المطهر؛ بل في الشريعة ما يعضدها،ويؤكد عليها . *الإشارة إلى بعض المواد التي سوف يتناولها موضوع البحث : *تعتبر م""164"" من نظام المرافعات المادة التي حددت وبشكل دقيق الشروط الشكلية التي يجب أن يتضمنها الحكم القضائي عند صدوره، وكذلك إشارة إلى الشروط الموضوعية التي لابد أن يشملها الحكم القضائي.وهذا هو موضوع الفصل الأول من البحث. *بينت م""158"" موعد إصدار الحكم وأنه بعد قفل باب المرافعة، وهذا هو موضوع المبحث الأول من الفصل الثاني. *وضحت م""159"" و م""160"" و م""161"" ما يتعلق بالمداولة القضائية وكيفية إجرائها،والشروط الواجب تنفيذها عند المداولة. وهذا هو موضوع البحث والدراسة في المبحث الثالث من الفصل الثاني. *كما وضحت م""163"" كل ما يتعلق بالنطق بالحكم. وهو موضوع الدراسة في المبحث الرابع من الفصل الثاني. * وضحت م""162"" و م ""164"" ضرورة توثيق الحكم القضائي وتسجيله في دوائر المحكمة. وهذا موضوع المبحث الخامس. * ووضحت م""168"" و م""169"" تصحيح الحكم عند اشتماله على أخطاء مادية بحتة،وطرق الاعتراض على ذلك عند الرفض...الخ، وهذا هو موضوع البحث في الفصل الثالث وفي المبحث الأول منه. هذه إشارة إلى بعض المواد التي يتناولها البحث،والمقام يطول بذكرها جميعا. * أسباب اختيار الموضوع، والكتابة فيه : 1- مكانة القضاء في الدين الإسلامي الحنيف، وكونه القسطاس، والميزان الذي توزن به الحقوق، ويقتص به من الظالم للمظلوم، ومن القوي للضعيف، فالقضاء هو بوابة العدل؛ والإجراءات سواء منها الموضوعية أو الشكلية هي مفاتحه. 2- صدور نظام المرافعات الذي يضبط سير الدعوى من بدايتها وحتى الفصل فيها.. وقد تواردت البحوث على حل إشكالاته، وشرح مبهماته، وبحثي يأتي ضمن هذه البحوث.- فأسأل الله الإعانة- . 3- عدم بحث "" إصدار الحكم القضائي وتصحيحه وتفسيره"" بحثا مستقلا مقارنا بنظام المرافعات الذي يعتبر إصداره حديثا . 4- حرص شخصي، ورغبة ملحة، دفعتني إلى أن يكون لي إطلاع على الأنظمة القضائية في المملكة؛ وخصوصا منها ما يتعلق بنظام المرافعات، وذلك بحكم عملي، وكوني من منسوبي وزارة العدل .