أثر البلاط العباسي في الأدب من (218 إلى 247 هـ.)
الحضارة العباسية لا نختلف على أن الحضارة العربية لم تبلغ قمة مجدها إلا في العصر العباسي ، سواء في السيادة ، أو الحضارة ، أو الثروة ، حيث نشأت في هذا العصر أكثر العلوم الإسلامية ، ونُقلت أهم العلوم الأجنبية إلى اللغة العربية ، وكانت قصور الخلفاء آهلة بالأدباء والشعراء والعلماء (1) . ورافق هذه الحضارة العظيمة ، انفتاح سياسي وثقافي على الشرق والغرب ، فأصبحت بغداد مرتعاً للفرس والترك والأعاجم من جميع الأقطار ، وانعكس ذلك على التطورات السياسية التي شهدتها الدولة العباسية ، وإذا كنا نتحدث هنا عن خلافة المعتصم وابنه الواثق ، ثم المتوكل ، فلا بد من الإشارة إلى سيطرة الترك على مقاليد الدولة أحياناً ، كما لم تسلم الدولة من تدخلات الفرس في سياستها أحياناً أخرى . ولهذا فإن التحولات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية الكبيرة التي تعرضت لها الحياة العباسية ، كان من نتيجتها أن حدثت تحولات مماثلة في عقلية الإنسان العربي ، وفي فكره وثقافته ، وكان من الطبيعي جداً أن يساير الأدب هذا التطور ، وأن تظهر آثاره في اتجاهات وموضوعات الشعر العباسي (2) . ومع امتزاج الشعوب والأمم في بغداد تغيرت مظاهر الحياة العربية في الدولة العباسية ، فتركت آثاراً ملموسة على الثقافة والأدب ، وولدت بيئة جديدة