أثر الخلاف الفقهي على الحكم القضائي دراسة تأصيلية لمسائل الخلاف وقواعد الحكم في المجال القضائي /

Extent
1 item
Thesis Type
أطروحة (ماجستير)-الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، كلية الشريعة، قسم الفقة، 1428 هـ.
Abstract

vيدور هذا البحث في مجمله على دراسة آثار الخلاف الفقهي على حكم الحاكم، وبمعنى آخر"" موقف القاضي من البت في المسائل الخلافية "" وهي دراسة تهدف إلى التأصيل لمبدأ مراعاة الخلاف في المجال القضائي، ولا أعني هنا (بمراعاة الخلاف ) المصطلح الأصولي الذي يعني إعطاء كل واحد من الدليلين حكمه، وإنما أقصد المفهوم اللغوي لمدلول الكلمة والذي هو أعم من ذلك ؛ إذ يشمل هذا المعنى ومعنىً آخر، وهو العدول إلى رأي المخالف عند اقتضاء الحال ذلك، وربما تجديد رأي آخر لا يخرج عما قيل في شأن الواقعة، وهذا يتمشى مع مقاصد الشريعة في فصل الخصومات وفض المنازعات. ويمكن إبراز أهم الجوانب التي سأعرض لها في هذا البحث - بحول الله - فيما يلي: 1-التأصيل لمبدأ مراعاة الخلاف في الواقعة القضائية، وهو من هذه الزاوية يعتبر جديداً في بابه . 2-آثار الخلاف الفقهي على الحكم القضائي، سواء كان الخلاف في الواقعة القضائية أو في طرق الإثبات، أو في القواعد المتعلقة بالحكم القضائي، وسواء كان الأثر يتعلق بذات الحكم الذي يصدره القاضي من حيث النقض والإبرام، أو بالطريقة التي يعتمدها في تقرير الأحكام. 3-ربط الأحكام القضائية بمقاصد الشريعة لا بالآراء والأقوال المجردة عن اعتبار الحِكم والمقاصد، والهدف من ذلك توسيع دائرة الاجتهاد القضائي كي لا يظل جامداً على المسطور والمنقول مما كان علاجاً لحالة طارئة أو نازلة مستجدة، ولم يكن وحياً قاراً لا يختلف باختلاف الأعراف والأحوال. 4-دراسة العوامل المؤثرة في الأحكام دراسة مفصلة، وبيان وجه تأثيرها في الحكم القضائي، وكيف أن اعتبارها من شأنه أن يساهم في فصل الخصومات وفض المنازعات على أحسن وجه وأتمه . 5- بيان مسالك الاجتهاد القضائي، ودراستها دراسة مفصلة يضطلع الناظر فيها بجملة من الفوائد على رأسها: مرونة الشريعة، وكيف أنها كفيلة بمعالجة أخطر المعضلات القضائية بأنجع علاج . أهمية الموضوع الخلاف الفقهي كما سلف تتعلق به مسائل وأحكام لا يسع المسلم فضلا عن طالب العلم أن يجهلها ويجهل حكم الشرع فيها، والمتتبع لنصوص الكتاب والسنة يجد أن الشارع الحكيم أولى عناية فائقة للاهتمام بموضوع الخلاف في مسائل الاجتهاد مبيناً سبل معالجته وكيفية التعامل معه، ونصوص الفقهاء تدل على ذلك وتؤيده. وبالجملة فالخلاف الفقهي قد تضمن من تيسير الله على هذه الأمة ما يجعله جديراً بالاهتمام والكتابة فيه. وأولى من ينبغي له أن يعتني بمسائل الخلاف وآثاره في تصرفات المكلفين هم القضاة؛ ذلك أنهم مؤتمنون على العدل بين الناس، والحكم بينهم بالحق الذي أنزله الله جل جلاله، ومعلوم أن الحق ليس محصوراً في مذهب واحد، أو قانون واحد، إلا أن نظر القاضي في الخلاف الفقهي عند إرادة البت في واقعة قضائية يختلف عن نظر الفقيه والمفتي من حيث الترجيح، والموازنة بين الأدلة، والاجتهاد فيما لا نص فيه وفي الحوادث المستجدة؛ وذلك لأمور تعود في الأساس إلى طبيعة الوقائع القضائية وأصحاب تلك الوقائع، وما يؤول إليه الأمر بعد صدور الحكم القضائي. وقد جاء هذا البحث محاولة لتأصيل هذا الموضوع وتفصيل مسائله وأحكامه. وتتجلى أهميته فيما يلي : 1- يشهد العالَم تطوراً في أنظمة الحياة الاجتماعية وأنماطها المختلفة في كل مظهر من مظاهرها، وذلك يوجب أن يكون للفقه الإسلامي مرونة تواكب هذا التطور بما يحفظ مصالح الأمة ويحقق مقصود الشارع، ولن يكون ذلك إلا بالنظر في أقوال المجتهدين والموازنة بينها لإعمال ما هو الأصلح منها، ويعتبر القاضي مسؤولاً عن تحقيق هذا الغرض في فصل الخصومات. وارتباط هذا الموضوع بالقضاء يكسبه أهمية لا تقل عن أهمية القضاء نفسه. 2 – القضاء بين الناس في الوقائع التي جرى فيها خلاف بين المجتهدين له معيار آخر غير معيار الفقيه والمفتي ؛ لأمور تقتضيها طبيعة الدعوى والواقعة القضائية كما سلفت الإشارة إلى ذلك. وفي ذلك يقول ابن فرحون: "" ولا غرابة في امتياز علم القضاء عن فقه فروع المذهب ؛ لأن علم القضاء يفتقر إلى معرفة أحكام تجري مجرى المقدمات بين يدي العلم بأحكام الوقائع الجزئيات ..."" ( ) . ولا يصح بحال المساواة بين منصب القاضي ومنزلة الفقيه، من أجل ذلك كان التعصب في هذا الميدان مظنة الزلل في الأحكام والوقوع في الجور . وإذا كان الأمر كذلك فالبحث في مثل هذا الموضوع على وجه يبين حدوده، ويضبط أحكامه، ويكشف اللثام عن الخلاف المعتبر من غيره يكتسب أهميته من أهمية القضاء وخطورته. 3- عرف التاريخ الإسلامي في أكثر مراحله ظاهرة التعصب المذهبي والانحياز نحو التقليد، وشمل ذلك القضاء بين الناس، فكانت له آثار سلبية على مناحي الحياة كلها، وقد شدد العلماء - رحمهم الله - في القضاء بالمذهب الواحد، وجعلوا ذلك موضع ضرورة، مع ما قيدوه به من قيود تجعله نادر الحصول، وقد تعرض هذا البحث لتفصيل القول في القضاء المذهبي والحكم في تقنين الأحكام الشرعية والإلزام بها. 4 – ومما يجلي أهمية هذا البحث أنه تأصيل لمبدأ مراعاة الخلاف في الواقعة القضائية بمفهومه الأعم حتى يشمل ما يسمى ب(الخروج من الخلاف) بل والاجتهاد فيما كان منشأ الخلاف فيه الأعراف والعوائد أو المصلحة والعمل، فهو من هذه الناحية يعتبر النواة في هذا المضمار .

Member of