خُطَب خُلَفاء بني أميَّة وأمرائِهم : دراسة موضوعية ــ- فنية /
شجَّعَنِي على اختيار هذا الموضوع عدَّةُ أسبابٍ، أهَمُّهَا مَا يأتِي: 1- عدم وجود الدراساتِ الدقيقةِ المتخصصةِ في تحليل خطب خلفاء بني أميَّةَ وأمرائِهِم حسب اطلاعي على مصادر المعلومات المتوفرة والمتاحة. وأحسب أن هذا البحث يسدُّ ثغرةً في الدراسات الأدبية للخطابة في العصر الأموي، ويُمِيطُ اللثام عن شيءٍ من أسرارها، ودُررِها من خلال دراسةِ خُطَبِ المشهورين وغيرهم من الخلفاء والأمراء؛ لِنَتَبَيَّنَ الشُّمُوخَ الأدبِيَّ لِهذِه النصوصِ الَّتِي لَم تزل مخبوءةً فِي أصدافها تحتضن أصالة الفكر وروعة البيان. 2- ما تُمَثِّله هذه الخطب من وحدةٍ متكاملةٍ تُسهِمُ فِي إبرازِ أدبِ خلفاءِ بَنِي أمية وأمرائهم الذين كان لهم من سلطان الفصاحة والبلاغة مثل ما كان لهم من سلطانِ التاجِ وأبَّهَةِ الملك. 3- كثرة النتاج الخطابي لخلفاء بني أمية وأمرائهم, حيث تمتلئ الكتبُ الأدبيةُ والتاريخيةُ، وكتبُ التراجمِ العامَّة بعددٍ كبيرٍ من خطبهم السياسيةِ، والدينيةِ، والاجتماعيةِ، وقد وقفت على عددٍ كبيرٍ من خُطَبهم يفوق ثلاثَمِائَةِ خُطبةٍ. 4- ما تُمثِّلُه خطبُ هؤلاءِ من قيمةٍ مَوضُوعِيَّةٍ: دينيةٍ وسياسيةٍ واجتماعيةٍ متنوعةٍ، فهي صورةُ عصرٍ، ومِرآةُ فكرٍ، وعنوانُ سياسةٍ، وَمَظهرٌ مِن مَظَاهر الحياة الأدبيَّة لقرنٍ شَهِدَ لَه النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيه وَسَلَّمَ- بالأفضلية والخيرية في قوله: «خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِيْ, ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُم، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُم.» ( ) 5- ومن الأسباب أيضاً، أنه لما كانَت دراستي للعَالِمِيَّةِ (الماجستير) في ميدان الشعر حُبِّبَ إليَّ أن تكون دراستي للعَالِمِيَّةِ العَالِيَةِ (الدكتوراه) في مجال النثر لِيُعطِيَ ذلكَ تنوعاً في البحث والدراسة.