يعتبر المسرح السعودي واقعا موجودا بما توفر له من جهود فردية، ونشاط مسرحي مُورس على مسارح بعض المؤسسات الثقافية والتعليمة، بجانب مشاركاته الخارجية، وإن كان المسرح كفعل اجتماعي منظم غائبا عن المجتمع المحلي، بسبب ظروف ثقافية اجتماعية، إلا أنه لم يمنع من وجود نصوص أدبية مسرحية كتبت بأقلام سعوديين، وتحتاج إلى رصد تاريخي ودراسة وتحليل لتجربتها الدرامية، خاصة أنّ كتابة النص المسرحي تعتمد على قواعد وأسس خاصة تميزها عن التجربة القصصية والروائية؛ كون النص الدرامي كُتب ليتم تمثيله على منصة المسرح لا من أجل القراءة فقط، وهو ما يحتم على الدرس الأدبي تناول النص المسرحي السعودي بالتحليل والرصد التاريخي كونه جزءا لا يتجزأ من المنظومة الثقافية الأدبية السعودية بجانب الشعر والنثر، إلا أنه تمّ تهميشه في الدرس الأدبي والأكاديمي لفترة طويلة، ولهذا، فإن البحث هدف إلى أن يتناول بالدراسة والتحليل قضية لها أهميتها في الدراسات الأدبية والنقدية، فركز على رصد تاريخ التجربة السعودية الدرامية المكتوبة، وتوضيح مفهوم الدراما ومدى توظيف عناصرها وفق أصولها الفنية، وما تناولته من قضايا مسرحية، وما تركته الثقافة الاجتماعية من سمات ايجابية وسلبية عليها، داخل مجموعة من النصوص المسرحية السعودية النثرية الفصيحة والمطبوعة التي توفرت للباحثة خلال أربع وعشرين سنة، بين عامي 1980 ـ 2004م، وعددها أربع وثلاثون مسرحية؛ إضافة إلى مجموعتين مسرحيتين ضمت عددا من المسرحيات القصيرة، وقد اتضح من خلال مسح النصوص التي هيئت للدراسة وتحليلها؛ بأن القليل منها استوعب كيفية توظيف الدراما وفق أصولها الفنية المتعارف عليها، دون الخروج أو الاصطدام مع الثقافة الاجتماعية المحلية التي اتسمت بالمحافظة، وألزمت المسرح السعودي بقيود لا يحيد عنها، فيما جاء أغلب النصوص بمستوى درامي ضعيف نتيجة عدم إدراك كتابها كيفية توظيف الدراما في النص، وعدم إمكانيتهم التوفيق بين قواعد الدراما والقواعد الاجتماعية المحلية المفروضة على المسرح، كما أظهر البحث أن الثقافة الاجتماعية المحافظة في المجتمع قد تركت تأثيرها على مفهوم الدراما ونمط الكتابة الدرامية السعودية، مما جعلها تتسم بسمات إيجابية وسلبية حرص البحث على توضيحها، والله من وراء القصد.