فمن أبرز الشخصيات البطولية في تاريخنا الإسلامي شخصية البطل المسلم صلاح الدين الأيوبي: (532- 589هـ/1137 -1193م) ـ رحمه االله ـ التي احتلت مكاناً بارزاً في الاستدعاء والتمجيد، واستحقت إعجاب الشعراء قديماً وحديثاً، وغدت شخصـية رمزيـة بطولية تستدعيها الذاكرة الشعرية المعاصرة بعثاً للهمم، وحفزاً للعزائم، واستنهاضاً للأمة في مواجهة الصراع مع الغرب الصليبـي والاحتلال الصهيوني؛ وجاء هذا البحـث محاولـةً لكشف أبعاد هذه الاستلهام، وآفاقه في الشعر المعاصر في المشرق من خلال استدعاء الشعراء لصلاح الدين والتلميح الرمزي إليه، والاستنهاض به، والتوظيف الفكري والفني له، راجيـاً أن أكون ذا البحث قد أسهمت في إجلاء صفحة مضيئة مشرقة من تاريخ أمتي وفكرهـا، وشاركت – ولو بجهد متواضع- في استنهاض عزائمها من خلال تذكيرها بماضيها المشرق. وقد نبعت أهمية هذا الموضوع من أمور أهمها: ارتباط هذا الموضوع بشخصية إسلامية لها مكانتها المتفردة تكن? لها الأمـة كـل إجـلال وإكبار، وإعجاب؛ لكون صلاح الدين بطلاً إسلامياً مجاهداً حقق للمسلمين وحـدة بعـد شتات، وألفه بعد فرقة، وقوة بعد ضعف، وأعاد للأمة الإسلامية مكانتها حين رد? الصلبيين على أعقا?م واستعاد المسجد الأقصى المبارك، مما جعله رمزاً إسلامياً خالداً في وجدان الأمة بقيمه الخُلقية والبطولية؛ فاندفع الشعراء- ابتداءً من عصره ووصولاً إلى عصـرنا- يتغنـون بذكره، ويشيدون بمآثره، ويطربون للأمجاد التي حققها، وقـد تجـاوز الشـعراء العـرب المعاصرون التغني والإشادة إلى الاستلهام الفع?ال، والتوظيف الفني الذي يقوم على اسـتدعاء شخصية صلاح الدين بكل زخمها البطولي، واستثمار مواقفها في مواجهة الواقـع المعاصـر المأزوم، لاسيما والشبه بين واقعنا المتردي الذي احتل فيه اليهود فلسطين والزمن الذي ظهر فيه صلاح الدين متشابه إلى حد? كبير. ثم إن دراسة الشخصيات الإسلامية في الشعر العربي المعاصر دراسة مفصـلة وبشـكل مستقل ومعمق ت?خص فيها كل شخصية على حدة بدراسة تستجلي ظواهرها المضـمونية والفنية لم ينل حظاً من الدراسة