إن الشريعة الإسلامية هي الشريعة العادلة الصالحة لكل زمان ومكان، وباعتبارها خاتمة الشرائع فقد جاءت بالكثير من النظم المدنية حماية للحقوق ، وقد اعتبر الفقه الإسلامي أن الحق منحة إلهية يعطيها للأفراد وفق ما يقضي به صالح الجماعة، وعلى هذا فقد قيدت حقوق الأفراد في استعمالها بمراعاة مصلحة الغير وعدم الإضرار بهم، ولما كان تعسف صاحب العمل في استعماله لحقه قد يوقع بالعامل ضرراً سواء أكان الضرر مقصوداً أو غير مقصود مما يسلب كثيراً من حقوق العامل المقررة له فقهاً ونظاماً، كالراحة التي يحتاجها ، والرعاية التي يتشوف إليها، والمحافظة على سلامته بتوفير كافة إجراءات السلامة، وغيرها من الأمور التي سنتطرق إليها في طيات هذا البحث ، والتعسف قد يكون في مرحلة إنشاء العقد، أو في مرحلة إبرامه، أو مرحلة تنفيذه، ويجمع ذلك عقد واحد وهو كل ظلم من صاحب العمل على العامل من منطلق سلطته العقدية. ولما كان تجاوز صاحب العمل لسلطاته يفضي إلى الإضرار بالعامل وهو أمر تأباه الشريعة الإسلامية ، والأنظمة المستقاة منها – كنظام العمل والعمال في المملكة العربية السعودية – أحببت إبراز أحكام ذلك فقهاً ونظاماً، للوقوف على حدود سلطات صاحب العمل ، وإبراز قدم سبق الشريعة الإسلامية في وضع المبادئ والضوابط التي تضبط علاقة صاحب العمل بالعامل، فجعلته موضوع بحثي التكميلي للحصول على درجة الماجستير . ولذا كان الموضوع بعنوان: [تعسف صاحب العمل في علاقته بالعامل في استعمال الحق]