إن الطب مهنة من المهن الشريفة التي يتمنى كثير من الناس الوصول إليها , وذلك لأن الطبيب يقوم على خدمة الناس , والسهر على راحتهم , كما أن احتساب الأجر وتصحيح النية في ممارسة الطب سبب للحصول على أجور عظيمة , فالطبيب – بإذن الله – يزيل الكرب , ويتسبب في شفاء المريض , ويغيث الملهوف , ويعين العاجز , ونحو هذا من المعاني الشريفة , لهذا كله ولغيره اكتسب الطبيب مكانة مرموقة , ومنزلة عالية في المجتمع , صارت مهوى قلوب كثير من الناس . والطبيب لا يمكن أن يتبوأ هذه المكانة الرفيعة في المجتمع , والمنزلة السامقة بين الناس , إلا بعد أن يقوم بما أوجب عليه القيـام به من واجبات والتزامات نحو المرضى , يمليها عليه دينه وضميره والأنظمة التي تسنها الدول في هذا المجال . ومن المعلوم أن الطب من المهن الحساسة , وتبدو حساسية العمل الطبي من خلال اتصاله بالجسم الإنساني , وما يقتضيه ذلك من اهتمام ورحمة وتوقير , بالقدر الذي يساوي حرمة هذا الجسم المصون . ومما لاشك فيه أن الطب يقوم في الأصل على صفاء النية , ورحمة القلب , وسلامة المقصد , إلا أن هذا الأصل قد يشذ عنه بعض ضعاف النفوس والإيمان والتقوى , من ذوي القلوب المريضة والعقول العمياء من الأطباء , فيمارسون الطب على أنه وظيفة كسائر الوظائف الأخرى , جاعلين همتهم وغايتهم جمع المال من وراء هذه المهنة , والصدارة في المجتمع , دون مراعاة للواجبات التي يجب عليهم الالتزام بها , والحقوق التي يجب عليهم الوفاء بها لأصحابها , لهذا فإن من الأهمية بمكان بيان الواجبات التي يجب على الطبيب القيام بها , بحيث إذا قصر يؤاخذ ويتحمل تبعة ما جنت يداه. وهذه الواجبات والالتزامات أمور ثقيلة على النفس , تخالط حياة الطبيب وتغيرها وتصبح جزءاً لا يتجزأ منها , فوقت الطبيب لم يعد ملكا له وحده , بل إن الناس يشاركونه فيه , ومظاهر هذه المشاركة كثيرة , فمنها : الالتزام بتطوير نفسه ومتابعة الجديد في مجال الطب , وكذلك – وهو أبرزها – الالتزام بمعالجة المرضى , وإغاثة الملهوف في أي ساعة من ليل أو نهار , وغيرها كثير .