آيات النعيم الأخروي في القرآن الكريم: دراسة بلاغية تحليلية
لقد وصف القرآن الكريم مشاهد العالم الآخر وصفاً مجسماً في صور حسية بصرية، واهتم بإظهار المعاني الخفية في صور جلية ، فكان ذلكم التصوير موحياً بمعاني النعيم الذي يغمر نفوس الفائزين ، لتبقى آثاره قائمة في الأذهان ؛ لذا كان في النظم القرآني تشخيص لما يجري في ذلك اليوم مرة ، ووصف لما يصير الإنسان إليه مرة ثانية، وعرض لصور النعيم مرة ثالثة ، ومن خلال بدائع هذا الأسلوب الوصفي المعجز ، يقف المتأمل في العالم الأخروي الغيـبي على عالم فسيح حي في جنان نضرة، وأفنان وارفة ، ويلحظ حال المؤمن وهو يتقلب في روضات النعيم متلذذاً بسائر أنواع التنعيم. إنّ ذلكم التنوع في ألفاظ النعيم، وجمله، وبيانه، وبديعه، ليحمل دلالات ثرية تخاطب العقل، وتحرك الوجدان ، لتكون وسائل إثارة تستحث الخطا إلى الفوز بها ولعمري إنّ التعمق في دراسة هذه الدلالات لهو حياة القلب ، ومتعة النفس، وقربة للرب جلَّ وعلا بخدمة كتابه ، والوقوف على أسرار بيانه المعجز ثم إنّ من ثمار هذه الدراسة البيانية لهذا الموضوع استحضار هيئة تلك الحياة الأبدية وتقريبها واستجلاب صور العيش فيها من خلال معاني تلك الدلالات البلاغية ، ذلك العيش الذي يتجاوز الحدود والقيود ، وذلك التصور الذي من شأنه أن يبعث همم المؤمنين إلى المنافسة في استباق الخيرات ، وفي الوقت نفسه من شأنه أن يضعف السعار الذي ينطلق من شعور