أحاديث الضيافة والولائم وآداب الأكل والشرب في الكتب الستة جمعا وتخريجا ودراسة /
من أهم الأسباب الداعية إلى اختيار هذا الموضوع ما يلي: أولاً: إكرام الضيف من الأمور التي حث عليها الإسلام ورغب فيها، بل هي سنة من سنن الأنبياء. قال تعالى: وَنَبِّئْهُمْ عَن ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ [الحجر: 51]، وقال تعالى: إِنَّ هَؤُلآءِ ضَيْفِي فَلاَ تَفْضَحُونِ [الحجر:68]، وغيرها من الآيات في الذكر الحكيم، وهذا ما كانت العرب تعرفه وتأخذ به قبل الإسلام، وتلتزم بـآدابه التزاما مباشراً؛ لاتفاقهم على وجوب إكرام الضيف النازل بهم. وقد أقر الإسلام كثيراً من العادات والتقاليد الحسنة، والمعروفة عند العرب في الجاهلية، و التي تتعلق بآداب الضيافة، وحـق الضيف، وزمنـه، وما يجب له؛ وأضاف إليها آداباً وأحكاماً أضفت على حسنها حسناً وبهاءاً، حتى ظهر ذلك جليـاً في حيـاة النـبي وأصحابه ومن جاء بعدهم ممن اقتفى هديه . ولذا أحببت أن أجلي هـذه الحقائق خلال هذا البحث. ثانياً: تساهُل بعض الناس في القيام بالضيافة. فإن مما يؤسف لـه أن هذا الخلق النبيل، والواجب المحتم في العرف العربي - فضلا عن كونه حقاً دينـياً في الإسلام - كـاد أن ينسى ويندرس رسمه، فأصبـح الغريب لا يعرف إلا الفندق( ) والمطعم والمقهى، ونسـي، إلا مـن رحم الله، ما كان عليـه النـبي وأصحابه مـن الـكرم والضـيافة. بل تعـدى الأمر إلى أكثر من ذلـك، فقـد جهـل الناس كثيراً من الآداب الشرعية المتعلقـة بالأكل والشرب، بل وغيرهمـا من الآداب، وحل محلها كثير من العادات الوافدة التي لا يرتضيها ديننا الحنيف. ولـذا كان من واجب المختصــين في السـنة النبـوية إيضاح مثل هذه الموضوعات، وبيـان الثابت فيها عن النبي، وإبرازها لعموم المسلمين وتزويد الفقهاء بذلك حتى تتم الفائدة للعامة والخاصة. ثالثاً: أنه مرتبط بالأخلاق العالية، والقيم الرفيعة عند الأمم جميعاً، والمسلمين خصوصاً. ومن خلال جمع الأحاديث فيـه، وإبرازها للناس يتبين للكل اهتمام الإسـلام بهذه الأخلاق العالية، وإقراره وتأكيده لها، وموافقته للفطر السوية، والصفات العلية، ومن ثم تأكيد شمولية الإسلام لجميع شؤون الحياة.