التسوق الشبكي تكييفه وأحكامه الفقهية /
جاء هذا الدين العظيم دين الإسلام، ليصلح الله به أحوال الأنام، ويخرجهم من الظلمات إلى النور، ومما لا شك فيه ولا مرية أن مما امتاز به هذا الدين أنه صالح لكل زمان ومكان، ولا أدلَّ على ذلك من أنه مما من نازلةٍ تنزل، ولا واقعة تقع، إلا وفي شريعتنا بيانٌ لحكمها، علِمَهُ من عَلِمه، وجَهِلَهُ مَن جهله. وكنت بتوفيق الله ممَّن تعلم في صرح هذه الجامعة العريقة، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وممن حرص على أن يكمل دراسته العليا بالمعهد العالي للقضاء، وكان لزاماً على كل طالب في المعهد العالي للقضاء أن لا ينال درجة الماجستير حتى يقدم بحثاً مفيداً وجديداً ومحرراً، وبعد البحث والتحري وفَّقني الله لاختيار موضوع لهذا البحث، فقد ألفيته موضوعاً مليئاً بالمسائل المهمة، والحاجة إلى بيانه وإيضاح حكمه ملحة، ذلكم هو موضوع: التسويق الشبكي. ويعتمد مبدأ التسويق الشبكي على إقامة علاقات بين المصنع والمستهلك، والاستغناء عن كافة الوكلاء والوسطاء وشركات الدعاية والإعلان، واستخدام مبدأ التسويق الشبكي يجعل المنتج يصل إلى المستهلك مباشرة، ويتم إلغاء جميع التحويلات التي يحصل عليها الوكلاء والوسطاء ومصروفاتهم من إيجارات ومرتبات ودعاية وتسويق، ويتم توزيع مجموع هذه النفقات بين المصنع وبين مجموع الزبائن في شكل عمولات، فيتم توزيع منتجات الشركة في مبدأ التسويق الشبكي بواسطة العملاء المشترين، حيث يقوم المشتري بعمل الدعاية الشفهية للشركة ومنتجاتها، ويحصل على عمولة نظير تسويقه لمنتجات الشركة وفق شروط معينة تختلف من شركة إلى أخرى. يتبين مما سبق أن تسميته بالتسويق الشبكي ترجع إلى شبكات العملاء، وليس إلى شبكة الإنترنت التي تستخدم في الترويج. والنظام يعتمد على شبكات في شكل شجرة ذات أفرع عديدة، أو في شكل هرم ذي درجات ومستويات متدرجة، ويحصل العضو الأول في هذه الشجرة أو الهرم على عمولات عن كل عضو جديد يدخل فيها. ولقد ظهر مبدأ التسويق الشبكي في الولايات المتحدة ودول أوروبا قبل خمسين عاماً، بعد ذلك انتشر هذا الأسلوب في أقطار عديدة من العالم، وتستخدمه كثير من الشركات العالمية اليوم في التسويق، حتى أصبح هذا الأسلوب من التسويق منهجاً يدرس في جامعات شتى من العالم. أسباب اختيار الموضوع وأهميته: نظراً لأهمية هذا الموضوع فقد دفعني إلى الكتابة فيه وتسجيله للبحث عدة أسباب أهمها: أولاً: عالمية هذا الموضوع، فالبحث فيه والحديث عنه ليس موضوعاً محصوراً ببلدة معينة أو إقليم محدود، وإنما هو بحث لموضوع عالمي مهم في حياة البشرية اليوم، لاسيما وأنه قد انتشر في مناطق مختلفة من مدن المملكة في الوقت الحالي. ثانياً: جدة الموضوع وحداثته، وقلة الدراسات والبحوث الجادة فيه، وانعدام الرسائل العلمية حوله مع ما يتبوَّا من منزلة عالمية، مما حدا بي إلى تحرير موضوع البحث وتمحيصه ودراسته من جميع الجوانب. ثالثاً: رغبتي في الكتابة عن موضوع معاصر يخدم أهل الإسلام ويأتي بالجديد والمفيد للبشرية قاطبة. الدراسات السابقة: بعد البحث الشديد في بطون ما ألف من رسائل علمية أو مؤلفات لم أعثر على موضوع وثيق الصلة بموضوع بحثي. وسأشير فيما يلي إلى ما وجدت مما يتعلق بالموضوع: أولاً: الفتاوى شخصية كانت أم من مجامع فقهية ومنها: أ – بيان لمجمع الفقه الإسلامي المنعقد في السودان في جلسته رقم 3/24 بتاريخ 17 ربيع الآخر 1424هـ. ب – فتوى اللجنة الدائمة للإفتاء بالمملكة. ج – فتوى للدكتور سامي بن إبراهيم السويلم مدير مركز البحث والتطوير بالمجموعة الشرعية بشركة الراجحي المصرفية. ثانياً: البحوث المعاصرة وهي بحوث مفيدة ووجيزة كان من أهمها: أ – بحث للشيخ/ محمد بن صالح المنجد. ب – بحث للدكتور/ أحمد بن موسى السهلي. جـ - بحث للدكتور/ سامي السويلم. وقد وجدت هذه البحوث والفتاوى تركِّز حول بيان الحكم الشرعي مع الدليل، وقد انفردت بعض البحوث بإضافة ما يلي: 1 – ناقش مجمع الفقه الإسلامي السوداني آراء المجيزين لهذه العملية. 2 – جاء في بحث الشيخ/ محمد المنجد ذكر أسباب انتشار هذه العملية. 3 – جاء في بحث الدكتور/ أحمد السهلي عدة تكييفات فقهية. 4 – جاء في بحث الدكتور/سامي السويلم بيان لفكرة التسويق الشبكي وموقف القانون من البرامج الهرمية. وأما بحثي فانفرد بما يلي: 1 – التوسع في تحرير جوانب متعددة للموضوع. 2 – دراسة عقود عدة شركات تتعامل بهذه الطريقة. 3 – إبراز موقف القانون الدولي تجاه الموضوع. 4 – دراسة أحكام ذات صلة بالموضوع مثل أحكام القبض وأخذ العمولات على التسويق.