الزمن في الشعر السعودي بين عامي 1400-1420 هـ] دراسة تحليلية /
أثقلت قضية الزمن كاهل كثير من أهل العلم، لاسيما أهل الفكر، والفلسفة، والأدب (من الشعراء، والنقاد)، فضلاً عن علماء الفيزياء، والرياضيات، والفلك، ولا عجب في هذا؛ فالزمن مدة حياتنا، ومقياس أوقاتنا التي تسير بنا إلى آجالنا المكتوبة، وهو معلوم في النفوس يقينًـا، في الوقت الذي تختلف العقول حول تحديد ماهيته الجامعة على وجه التأكيد. ونتيجة لأهمية موضوع الزمن فقد خصصته بهذه الدراسة التي تناولته من جانب صلته بالإنسان في الشعر، وقد ركزت الدراسة على الحديث عن تحولات الزمن؛ المتمثل في جانبين من جوانب الزمن، أولها كان مراحل العمر، وما يصاحب كل مرحلة من تغيرات نفسية وفنية، أمَّا الثاني فكان حديثًا عن آثار الزمن الناتجة عن التحول، والمتمثل في الحديث عن العجز والشعور بانعدام الزمن. كما تناولت الدراسة الإحساس بالزمن عند الشعراء، والذي يظهر في طريقة كل شاعرٍ في التعبير عن الزمن بأبعاده الثلاث ( الماضي، الحاضر، المستقبل)؛ وبناءً على هذا فإني جعلت حديثي يتناول التذكر والحنين، واليأس والهرب، والخوف والأمل. ونظرًا لأهمية الجانب الفني في الموضوع الزمني، فقد أفردت في هذه الدراسة مبحثًا للحديث عن التجربة الشعورية، وآخر للحديث عن المعجم الشعري الذي يدخل في إطاره جانبا اللغة والرمز، ثمَّ تناولت الصورة الفنية الزمنية. وقد خلصت من بحثي هذا إلى عدة نتائج، وهي: 1-الأهمية التي يوليها كثير من أهل العلوم لموضوع الزمن، ولا سيما في العصر الحديث. 2-ضرورة توجيه دراسة الزمن في الأدب والشعر، في ضوء العقيدة الإسلامية الصحيحة. 3-اختلاف مفهوم الزمن بين أهل العلم والفلسفة. 4-الصلة الوثيقة التي تربط بين الزمن والشعر، والزمن والإنسان. 5-الأثر الشعوري والطريقة التعبيرية التي تتركها تحولات الزمن في الشعر. 6-أثر الموروث الثقافي على طريقة الشعراء في التعبير عن أعمارهم. 7-اختلاف الشعراء في طريقة تعبيرهم عن إحساسهم بالزمن، نتيجة لاختلاف ظروفهم النفسية، والفكرية، والشعورية. 8-العلاقة الوطيدة التي تربط الزمان والمكان في الأدب. 9-تنوع صفات الزمن في الشعر السعودي نتيجة لاختلاف تصور الشعراء لمفهومه. 10- الارتباط الوثيق بين إحساس الشعراء بالزمن، وطريقة التعبير الفني الشعري في القصائد الزمنية. وبناءً على كلِّ ما توصلت إليه في بحثي فإني أورد بعض التوصيات، ومنها: 1-دعوة الباحثين لتناول موضوع الزمن من جهة مفهومه الذي دار كثيرًا بين أصحاب الأدب، والفكر، والفلسفة، ومحاولة إيجاد مرجع ثابت على أساس من العقيدة السليمة، والمنهج الإسلامي القويم. 2-التوجه إلى دراسة الزمن بشكل متخصص، أي في شعر شاعر بعينه؛ وذلك حتى لا يترك الباحث شيئًا من النزعات النفسية، والفكرية المتصلة بالزمن دون دراسة دقيقة. وبعد، فهذه الدراسة كانت محاولة لكشف جوانب الإبداع في الشعر السعودي من خلال موضوعٍ أخذ حيزًا من اهتمام النقاد والأدباء قديمًا وحديثًا.