منهج ابن عقيل الحنبلي وأقواله في التفسير : جمعا ودراسة /
فقد اهتم العلماء بتفسير كتاب الله تعالى ، وتبيين ما فيه من المعاني والأحكام ، وقد تميزت تفاسيرهم بالدقة والوضوح ، ومن جهودهم ما هو مجموع في مؤلف مستقـل بالتفسير ، ومنها ما هو أقوال منثورة لا تقل أهمية عما قبلها ، بل ربما تفوقها ، فتحتاج إلى جمع في مصنف خاص ؛ ليسهل الرجوع إليها ، والاستفادة منها ، ومن ثم يعم الانتفاع بها . ومن العلماء الأجلاء الذين وجدت لهم أقوالاً في التفسير : الإمام العلامة أبو الوفاء علي ابن عقيل بن محمد بن عقيل البغدادي الظفري الحنبلي رحمه الله ، لكنها مبثوثة في مؤلفاته ، وهي جديرة بالجمع والدراسة ، فآثرت بعد الاستعانة بالله وحده أن أقوم بجمع أقواله في التفسير وترتيبها ودراستها ، وبيان منهجه فيها ، وقد بلغت أكثر من خمسين ومائة قول ، وعزمت على أن يكون موضوع بحثي الذي أتقدم به لنيل درجة الماجستير من قسم القرآن وعلومه هو : منهج ابن عقيل الحنبلي وأقواله في التفسير جمعاً ودراسة أهمية الموضوع : تظهر أهمية الموضوع في أمور ، منها : 1-أن ابن عقيل من أشهر المجتهدين في المذهب الحنبلي ومن كبار علمائهم ، وفي إخراج أقواله في تفسير كلام الله تعالى إسهام في خدمة هذا العلم . 2-أنه من علماء التفسير ، ومن علماء القراءات : فقد ترجم له الداوودي في [طبقات المفسرين 1/ 421] فقال : ( .. وقرأ القراءات على أبي الفتح بن شيطا ، قرأ عليه المبارك بن أحمد بن الإخوة ) . وذكره [ الذهبي في معرفة القراء الكبار ص 261] . 3-تقدم العصر الذي عاشه الإمام ابن عقيل رحمه الله 431-513هـ مما جعل أقواله في التفسير ذات قيمة عالية ، وهي فترة عاشها جماعة من أهل التفسير ممن ذاع صيتهم ، وكانوا أئمة في هذا الفن ، ومنهم الماوردي (ت:450) ، والواحدي (ت:468) ، والراغب الأصفهاني (ت:503) ، وإلكيا الهراسي (ت:504) ، والبغوي (ت:516) وغيرهم مما يعطي صورة جلية لازدهار علم التفسير في ذلك العصر . 4-لما كانت المطبوعات شحيحة في آيات الأحكام من علماء الحنابلة ، فإن إخراج مثل هذا الجمع يضيف إلى كتبهم نوعاً مهماً من العلوم ، وهو أحكام القرآن . 5-ومما زاد الموضوع أهمية ما وجدت من نقل بعض كبار العلماء والمفسرين عنه ؛ من أمثال : ابن العربي ، وابن الجوزي ، والقرطبي ، والشوكاني ، والآلوسي ، وابن القيم ، وغيرهم . 6-أن في هذا البحث جمعاً لتفسير متفرق ؛ فيه الكثير من الفوائد واللطائف والنفائس ، مما لا يوجد في كثير من المصنفات . أسباب اختيار الموضوع : اخترت هذا الموضوع لأسباب كثيرة ، منها : 1-أهمية الموضوع ، وقد تقدم ما يحث على الكتابة فيه . 2-أنه حسب علمي وبحثي وسؤالي للمختصين لم يجمع أحد أقواله في التفسير مع علو كعبه وكثرة علومه في القرآن . 3-المكانة العلمية التي تميز بها ابن عقيل الحنبلي رحمه الله ، فمن المعروف أنه من الأئمة الكبار ومصنفاته تدل على ذلك : - قال شيخ الإسلام ابن تيمية : ( ولابن عقيل أنواع من الكلام فإنه كان من أذكياء العالم ) [ درء تعارض العقل والنقل 8/60 ] . - وقال أبو طاهر السِّلَفي : ( ما رأت عيناي مثل أبي الوفاء ابن عقيل الفقيه ، ما كان يقدر أحد أن يتكلم معه لغزارة علمه وحسن إيراده وبلاغة كلامه وقوة حجته ، ولقد تكلم يوماً مع شيخنا أبي الحسن إلكيا الهراسي في مسألة ، فقال شيخنا : هذا ليس بمذهبك . فقال : أنا لي اجتهاد ، متى طالبني خصمي بحجة كان عندي ما أدفع به عن نفسي ، وأقوم له بحجتي ، فقال شيخنا : كذلك الظن بك ) [ ذيل الطبقات لابن رجب 1/147 ] . فلما كان بهذه المنزلة العظيمة تأكد اختيار هذا الموضوع . 4-السعي إلى إبراز جانب الملكة العلمية التفسيرية عند ابن عقيل لطلاب المعرفة ، وبخاصة أن هناك انشغالاً عنها بسبب إمامته في بعض العلوم الأخرى كالفقه مثلاً ، وقد برع وأبدع في جوانب مهمة ، وذكر بعض مترجميـه أن له كتاباً بعنـوان : مسائل مشكلة في آيات من القرآن [ذيل طبقات الحنابلة 1/ 156] لكنه في عداد المفقود [آثار الحنابلة في علوم القرآن للفنيسان ص 97] ، وفي جمع أقواله سد لبعض ما فات ، لهذه الأسباب رغبت في تسجيل هذا الموضوع . أهداف البحث : 1-إخراج ما قاله هذا العالم في التفسير بكتاب مستقل يحمل رأيه ، ويكشف عن تفسيره للآيات ، تقديراً لمكانته العلمية ، ووفاء بحقه . 2-دراسة أقوال ابن عقيل في التفسير دراسة تحليلية مقارنة . 3-إبراز جهود أحد علماء الحنابلة في علم التفسير .